صوتها من مشاتل وليل ووعود، كأن شيئاً ما حلواً سيحدث بعد قليل، كأننا نراه الآن قادماً من بطن الوادي المعتم، لينقذنا من شيء ما يجلس على صدورنا، ها هو قادم، ها هي ريم تغني، شيء عزيز مثل أب ميت، وطويل مثل زفرة قائد، وممتلئ مثل إرادة شعب مقهور، شيء قريب، سيزيل الغمة ويدمر الحدود بين الأشياء، ويكسر التوقع، ويهدينا اكتمال السؤال، ووضوح العدالة، وانفجار نبعها، صوتها من مشاتل وليل ووعود، كقراءة أخرى للحزن الكوني، كالتفاف أنثوي باهر على معنى الألم الشخصي، كزيارة غاضبة وأخيرة لسماء، لم تعد تفهم هي الأخرى ما الذي يجري للبشر، كتحويل ذكي وبارع لسكة قطار اليأس نحو مدن الطفولة والأمل، ارتبط صوت ريم بنا داخلي وهي تغني (عذب الجمال قلبي)، بطعم ممتع لقهوة مستمرة في فمي وبصمت صديق متكئ بملل وبهجة إلى شرفة، وبانتظار مرور صديقة باردة أحببتها بصمت خائب ذات رام الله قديمة. كلما انقضت ساعة كنت أقول بعد قليل ستمر، بعد قليل ستمر، فسميت ريم: فنانة البعد قليل. ما إن أسمعها حتى أقول، بعد قليل سننتصر على الاحتلال، بعد قليل سأحب امرأة جديدة، بعد قليل سأعيش سنة أخرى، بعد قليل ستمطر الدنيا، بعد قليل سأعود إلى البيت، بعد قليل سأقرأ محمود درويش، بعد قليل سأتصل بأمي. بعد قليل سأعيش أغنية لريم بنا، بعد قليل سأكتب نصاً جديداً.صوتها من مشاتل وليل ووعود.
«عذب الجمال قلبي عندما اختار الرحيل، قلت يا جمال صبراً. قال: كل الصبر عيل. قلت ما داؤك قل لي؟ قال: شوقاً للحبيب. قلت يا جمال خذني، قال: لا، حملي ثقيل. قلت: يا جمال امشِ. قال: لا دربي طويل».
مع السلامة يا ريم.