عيناكَ منفَى؛ ليس ينجُو الرَّاحلونَ
ولستُ أَنسَى كيف أَمكَنَنِي أنَ أنجُو..
الوقتُ كان يَفِرُّ
مِن بينِ الأصابعِ
مسرِعًا، كالرَّملِ، أنْعَمَ
مِن هدوئي عندما تغتالني الذِكرَى
ويَخدشُ طرفَ جَفْنِي الدَّمعُ..
كان يَفِرُّ..
(لكنْ قَدْ تَزُورُ الحكمةُ القلبَ المعنَّى عندما تشتدُّ مِحنتُهُ)
وكان يًفِرُّ
لمَّا صِرتُ أذكَى واعترفتُ
بخيبةِ الأملِ الكبيرةِ
واقترفتُ الكُرْهَ..
الوقتُ كان يَفرُّ..
لكنْي كنتُ أسرعَ
قَدْ فَرَرْتُ
وراحَتِي قَبلَ الفِرارِ قَطَعْتُهَا
ألقَمتُها للرِّيحِ
عَلَّ مدينةً أخرَى
(تنام علَى يديها القبَّراتُ)
تُصابُ بالحُمَّى إذا ما لاحَظَتْ جُرحِي
وتمنحُهُ صلاةً ليس تُفسِدها الدِّما..
قلبِي مصابٌ، ليس يَنزِفُ
عِلَّةٌ في الرُّوحِ تَكفِي كي تُفَتِّحَ
شُرفةً في القلبِ كنتَ تَزورُها
كي تُفسِدَ الزَّهرَ المعلَّقَ
باحتراقِ التَّبغِ في جَسَدِ الهواءِ الغَضِّ
كنتَ تقولُ إنَّ الوقتَ
لا يَكفِي لِيَمنَحَ زهرةً أخرَى.
كنتَ تهُزُّ بِاسمِ الرَّبِّ
جذعَ الرُّوحِ، تَكسِرُهُ،
لِيَسقُطَ مِن دمي النَّارنجُ ملتَهِبًا،
ويَتركَ كلَّ ما حولِي يَصِيرُ جَهنَّما…
وكلعنةٍ مَسَّتْ كيانَ السَّامرِيِّ أراكَ
تَقبَعُ في الطَّريقِ إليَّ..
تَنهَشُ لحمَ ذاكرتي
وتَسحَبُ جثَّةَ الفرَحِ القتيلِ
علَى رصيفٍ كان يَجهَشُ بالبُكاءِ وبالقصائدِ
كلَّما افترقَتْ يَدانِ أمامَهُ..
وأراكَ..
تَقطَعُ شارعًا في الرُّوحِ منسيًّا أراكَ
ولستُ أَنسَى كيف أَمكَنَنِي أنَ أنجُوَ مِن خُطاكَ..
ولستُ أنسَى كيف أَمكَنَنِي أنَ أنجُوَ قَبْلَ أنْ ترتَدَّ رُوحِي لِلسَّما.