من مجموعته الشعرية «خانني العرّافون» الفائزة بالمركز الأول لجائزة علي الخليلي للشعر عام 2017م.
لستُ نبيًا، لكنَ القِديسينَ حَنّكوا فمي بِدموعِ البائسين، ونامتْ في حجريَّ الظباءُ الممتلئةُ بِالصلوات.
كُنتُ أعرفُ لَونَكِ أكثرَ من جِهةِ الضوءِ، وأقرأُ دخانَ أفرانكِ في الصَباحاتِ اليتيمة.
أنثرُ فُتاتَ قَلبي في محاريبِ عفوكِ، فأنامُ من عمقِ المغفرة.
لستُ نبيًا، لكنّي شربتُ سُهادكِ عندَ هبوطِ الليل، نائمًا على كتفِ السكون، والجداتُ سَكبنَّ سَنواتهنَّ على صبايَّ الأعرج، فَتهادى الكونُ على راحتيَّ عاجزًا وخجول.
وكنتُ أمسحُ على وجوهِ الموتى جفافَ الأسئلة، وأمتصُ رحيقَ الوجلِ في ذهابهم الأخير.
لستُ نبيًا، لكنَ الطيرُ تأكلُ من رأسي، وسنابليَّ الخُضر تنامُ على جِزعِ الخرير، والماءُ تسعى في مناميَّ، تجرفُ نباحَ الكونِ في أحلاميَّ العطشى.
لستُ نبيًا ولا صانعَ خطايا، أنا المسافةُ المُمددة بينَ البكاءِ والدموع، سليلُ الفراشات المتروكات في نسيانِ الحقول، مجللٌ بالوصايا والدعوات.
لستُ نبيًا، أنا الخَطيئةُ قددتُ قَميصيَّ من قُبلٍ، وغَلّقتُ الأبوابَ على قَلبي، دميَّ الذي يَسيلُ كَذبٌ ولا ذنبَ لإخوتي، أنا لعنةُ آدم، غواية التفاحةِ في رأسهِ تُسقطهُ من جدولِ الماء، أنا من جرّ ذيل قطةِ الجيران وشربتُ لبَنها، وسرقتُ بيض الدجاجاتِ ونَتفتَ ريشهنَّ، أنا من خنتُ حبيبتي، التي هيّأت قلبها لأنام، وقَشرت لي البرتقال، وسرقتُ من كُحلها ما يُجبرني على البكاء والفرح.. لكني متعبٌ من زحفِ السنينِ على روحيَّ العطشى، فاسقنِ من ماءٍ شربتْ منه العصافير، وبارك خطايّ، لأفرقَ بينَ الخطيئة والبكاء.