العتمة

العتمةُ أمرٌ طيب

العتمةُ الحقيقيةُ الكامنةُ لا تتلاشى

أمرٌ طيِّبٌ أن تكون نقطةَ النهاية

وأمرٌ طيِّبٌ أن تكون نقطةَ البداية

قضى الآخرون عليها

لكنَّها لا تزال حيةً

تلتمس عطفنا

غيرَ صارمةٍ تجاه الحياة

صِحْتُ: أيتها العتمةُ في الأرض

أيتها العتمةُ المختبئةُ بين الأشياء

أرجو أن تتحدا

كما يتحدُ الرجالُ والنساء

وحيثُ نَصلُ إلى الليلِ المُعتم

ونمسكُ بأيِّ مقدارِ عتمةٍ

ونتقدم!

مرثاة

(الجزء الأول)

أغلقَ الموتُ أفواهَنا

وللتوّ، بعد تلك اللحظةِ، كان رنينُ الأجراس يغمرُ أشجارَ الصيف

كان خفقُ أجنحةِ الطيورِ المحلِّقةِ يرنُّ في السماء الزرقاء

وخفقُ أفئدتِها الخفيف يرنُّ أثناء طيرانها خلال السحب المتراكمة

رحلت الرياحُ عن هذه المدينة، كقاربٍ يُبحر

لا يستغنى عن الأرضِ الواسعةِ الخضراءِ بنهرِها المتدفقِ الجاري

أنتِ، فتاةٌ تفتحُ علبة فراولة معلبة

تتركين النافذة، ومُذَّاك تسيرين بظلك

تتحدثين بأحلامِك، وترافقينا متخذةً من الماءِ اسمَك

أغلقَ الموتُ أفواهَنا

وللتوّ، بعد تلك اللحظة، كانت الشمسُ تغربُ في النهر

والرضيعُ في الحُجْر، والبرجُ الرمادي منتصباً على جسدِ المدينة

دلفتُ إلى شوارع تغيرت معالمُها

وسأسير هنا بعد يومٍ أو أسبوع

مبتعداً عن لهيبِ البارودِ وبرودةِ الحصى

وسأتذكرُ شكلَ حمامةٍ انقطعت أخبارها

بعد إطلاقِها

إلَّا أنَّ جُلَّ ما أتمناه

أن تعود بسكونٍ إلى حضني

أغلقَ الموتُ أفواهَنا

في الصيفِ اللاهبِ ما يغنّيه الزيز ليس أغنيات

في الصيفِ اللاهبِ ما يحكيه الشيخُ من حكاياتٍ ليس حقيقة

في الصيفِ اللاهبِ ليست قمم الجبال قمماً، فلا ضبابَ يحجبُها

في الصيفِ اللاهبِ القريةُ ليست قريةً، فهي خاليةٌ من البشر

في الصيف اللاهب الأحجارُ ليست أحجاراً، بل معادن

في الصيفِ اللاهبِ، الليلُ ليس ليلاً، فالآخرون لا يغطُّون في النوم

وما أكتبُه من قصائد ليست شعراً

ومَن أتذكرهم جميعاً ليسوا أناساً من لحمٍ ودم.

الشاعر الصيني شيتشوان:

شاعر صيني معاصر، وُلد عام 1963 في مقاطعة جيانغسو. تخرج من جامعة بكين قسم اللغة الإنجليزية عام 1985. باحث زائر في جامعة آيوا في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2002. يعمل الآن أستاذاً في كلية العلوم الإنسانية التابعة للأكاديمية المركزية للفنون الجميلة، ويعتبر واحداً من أهم الشعراء في الصين.

• نُشِرت هذه المادة في العدد المزدوج [ التاسع والعاشر ] من المجلة