كان حضورا غريبا في محترف شبابيك – غزة، فغزة التي نهشت طبيعتها الجميلة رماديات الإسمنت وزحف الركام يعلوه الركام على أرضها، احتاجت لمخيلة الفنان المتمرس ” ماجد شلا ” كي يعيد إليها بعض من ألوان الزيتون والبرتقال واللوز، عله كان يبحث في لوحاته عن تربة خصبة كتراب غزة ليزرعها زهورا وبراعم، يتخيلها شجرا في واقع كان يعيشه الفنان يوما وحرم منه، حينما استحضر الفنان روح الطبيعة مع حركات فرشاته وبين تعدد ألوانه وحالات تلك الألوان بتنوعها وتناغمها، تلك الألوان الباعثة للأمل والمناقضة لحقيقة مكان يخلو منها.
لوحة من الخميسين المعروضة في محترف شبابيك تختلط المشاعر بموسيقى الألوان، وبين تلك الحركات والرقصات المتشكلة نتيجة وجع متراكم مع أحلام الحياة الباهتة، مشهد الطبيعة في كل زاوية كانت مختلفة هناك نهار وهنا ليل، وهنا ضوء حرية، الحرية التي جعلت فرشاة الفنان تنطلق بين الحشائش الملونة.
ما شاهدته جعلني أقف بين مجموعتين من اللوحات المتراصة كالفسيفساء لأنقب عن بعض كواليس الحدث، فلم تغب شخصية الفنان اللونية عن المشهد، لكن الحالة مختلفة والمزاجية الحاضرة في أعمال الفنان دفعتني لحوار عن تفاصيل العمل، فحينما سألته عن ألوان الفرح في بعضها قال لي : ” ربما تكتم تلك الألوان شيئا عكسيا “، وعن تفاصيل العمل قال : ” استغرقت عاما تقريبا لحياكة ما يعادل خمسون لوحة أردتها أن تخرجني وتخرج غيري من نمط عرفني الجمهور من خلاله في معرضي السابق وجوه محاصرة، أحاول البعد اليوم عن غابات المباني والإسمنت نحو غابات الليمون والزيتون والعنب، ورغم اختلاف الحالة بين كل لون ولون إلا أنني حاولت استذكار شعوري الطفولي وشعوري الغائب منذ سنوات بمرآة الأخضر التي تعكس في عيني كل الألوان، تنوعت اللوحات بين المستقلة والمجموعات المنفصلة واللوحات المجزأة، في بحثي هنا لم أذهب باتجاه الغرب فقد كان صوت الموج يشدني لوضعه بين ثنايا الألوان، لكني اتجهت نحو الأرض حينما افتقدنا منها ما فقدنا على الطرقات ورائحة الفواكه ترافقنا في كل مسير، فالبحر يبقى موجودا رغم كل شيء والحياة مثلما تنتهي فان الطبيعة في غزة أصبحت مثل عجوز تنتظر الموت الكامل “.
المعرض الذي أقامه الفنان ( ماجد شلا ) بتمويله الشخصي جذب العديد من الفنانين والمهتمين والمتابعين وكان نظرات استغراب محبي الفن على شكل الطبيعة المقدمة باديا . ونظرات تدور في المكان أكثر من مرة بين الفنانين، وقد دعا ( شلا ) الفنانين إلى عدم انتظار جهات داعمة لتقديم ما يختبئ عندهم بعيدا عن الجمهور. تلك الحالة التي أثارها الفنان أيضا بعيدا عن أجواء المعرض وقريبة من ملامسة تراكم اللوحات في مراسم بعض الفنانين بحثا عن طريق لعرض أعمالهم على الجمهور.
بكل الأحوال الأحاديث الجانبية لمجموعات الفنانين لم تمنعهم من أن يجتمعوا للقطة أخيرة جمعتهم في صورة واحدة نادرا ما تحدث لكن يبدوا أن غابات ( ماجد شلا ) استنفرتهم.