ديما عزمي دلول – 15 سنة، نادي بيت الأدب/مركز الطفل-غزة/مؤسسة عبد المحسن القطان

داخل باصٍ أشبهَ بقبو صغير، أتخذُ مكاناً عالياً عن الجميع، لا يراني إلا فتاة تحاول ترتيب شعرها أو قميصها.

الباص نوافذه مغلقة، لا شمسَ فيه ولا هواء، الناس يتزاحمون، يبحثون عن مساحةٍ تكفي أجسادهم المتعرقة، أناملُ تحاول مسك مقبض، يمنعها من الاهتزاز كلما صعد الباص.

التفت أحدُهم يسأُل عن الوقت بصوتٍ مرتفع، يرد آخر: لو تبقّى دقيقةً على وصولنا ستكون دهراً لك، عزيزي.

السائق منهمكٌ في جمع نقوده من الركاب، آخر يقول: نحن هنا كالسلطة.

يتمتم بدينٌ: السلطة لذيذة.

عجوز تتذمرُ جالسة، بينما تقفُ بجوارها حفيدتها ممسكة بمروحة، تحركها يمنة ويسرة، أمام جدتها، شخص متخفٍ بقبعة يدخن سيجارته، مرسلاً سحباً ضبابية، غير عابئ بالسيدة التي تنفث الهواء وتحركه بيدها.

لحظات…  ويندفعُ الجميعُ إلى الأمام.

لقد توقف الباص، وفُتح الباب.

الجميعُ يجري كأنّه في ماراثون، طفلةٌ تبكي، أحدهم داس على إصبعها الصغير، البدينُ يحاولُ الانسلال من بين الجماهير الغفيرة.

ما زالت العجوزُ تتذمر، رجلٌ في نهاية الباص، بدأ يشتم بلغة أجنبية.

دقائق…  المكان فارغٌ تماما.

عاد الأكسجينُ، فائض منه يملأ المكان، مقاعدُ كثيرةٌ تنتظرُ المحطةَ التالية، السائق يُصفّرُ بارتياح بعدما امتلأت محفظته بالفكة.

لم يبقَ سوايّ، معلقةً في أعلى الباص، أفتقد صديقتي المرآة، لو لم تُكسري، بسبب ذلك الولد المشاغب، لرأينا معاً كل ما رأيته، ولضحكنا على ذلك السائق وعلى الناس والحياة، كما كنا نفعل دوماً.

نُشرت هذه المادة في العدد 14 من مجلة 28 – لقراءة كامل العدد وتحميله

Share on facebook
Share on twitter
Share on pinterest
Share on whatsapp
Share on email
Share on linkedin

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الأخبارية؟

سجّل بريدك الإلكتروني

الرجاء تعبة النموذج لحجز مساحة في الجاليري

طلب حجز مساحة في جاليري 28

سيتم التواصل معكم لإتمام الحجز

الرجاء تعبة النموذج لطلب مشاركتك باضافة محتوى في الموقع، مع العلم انه سيتم التواصل معكم لاعلامكم بنتائج الطلب او مناقشة أي تفاصيل

طلب المشاركة بمحتوى

ملاحظة: امتدادات الملفات المقبول pdf, doc,docx