في ثنايا بيانو الحلم مقطوعةٌ هشة، تتكئ بجانب قائد الأوركسترا، ناظرةً للحاضرين من بين حنايا الأصابع، رافعة رأس سيمفونيتها ليخبطها الإبهام بشراسةٍ تبعث في مسمع المجهول لحناً عصياً، منتشرة في مسرح الهواء كعطرٍ قديمٍ أو كحفنة ترابٍ على باب الدكان العتيق، باعثةً في تشققات الجسد قشعريرة ديسمبر ودفء آب، حاملةً في سلم نغماتها شروداً وتيهاً، وفي أزقة المكان قارب كلمات وزورق ذكريات، ذكرى في هامش الحرب بين عسكري وبندقية، ذكرى على قوس قزح بين الورق وديسمبرية. وفي روح تخشى ذاكرة الورق مقطوعةٌ تنشر عبث أحلامها في طرق الموسيقى، تستلقي بعشوائيتها في دروب السكون، وتبعث في دهاليزك صوتاً ندياً يناجي الرب في حضرة الموسيقى، صوتاً ندياً يحدّث الله عن أيلول البعيد، عن صدفةٍ في مقهى الصمت للكلام، عن كرسي السهر، فنجان فيروز، وطاولة الليل بصحبة فيكتور هوغو. وفي مسرح الهواء تعثرت ببيانو قديم وتخبطت أوتاري راجيةً عزف مقطوعة على الشباك، راجيةً عزف مقطوعة هشة في ذاكرة الورق وشرود الكلمة، في سيمفونية البارحة وبندقية الصباح في سكون العسكري وطيش ديسمبر.