طالما اقترنت (شبرة، قمرة، شمس، نجوم) بطفولة الفتيات تحديداً، كنا نسمعهن يرددنها بين أزقة الشوارع، وعلى استحياء كان الأطفال “الذكور” يشاركونهن اللعبة أحياناً. اليوم لم نخجل أن نكون حاضرين في لعبة الفتيات تلك، ونتجول بين أعمال الفنانات مجدل نتيل، رفيدة سحويل، مي مراد، رنا البطراوي وسمية الأقرع، في معرض “شبرة قمرة” الذي نظمه مركز شؤون المرأة ومحترف شبابيك للفن المعاصر، بإشراف الفنان التشكيلي شريف سرحان. للوهلة الأولى تأخدك الأعمال تلقائياً نحو التفكير في معانيها قبل أن تقرأ عناوين الأعمال التي تنوعت بين لوحات وأعمال إنشائية، الأعمال الفنية داخل المعرض تعكس طابعاً فلسفياً، تحديداً عندما ترى انعكاس ملامح الطفولة الجميلة المخدوشة والمرسومة داخل أواني الطبخ، لتشعر أنَّك ترى المساحات المحدودة والضيقة للفتاة الفلسطينية داخل المجتمع الذي تجسد في طنجرة الضغط والأدوات المختلفة التي استخدمتها الفنانة سمية الأقرع في أعمالها. أما الفنانة رفيدة سحويل فقد حاكت ثوب فرح لفتاة قاصر من ورق، احتوى على قسائم طلاق وقرارات محكمة جميعها كانت نتيجة حتمية لزواج القاصرات. عمل سحويل أخذ شكل فستان فرح بتفاصيل مأساوية، فحينما يكتب اسم الفتاة القاصر على ورقة الزواج وتلبس ثوباً أبيض، فإنه سيحمل في ثناياه تفاصيل نهاية مأساوية لارتباط في غير منطقي!
الجناح المكسور في لوحات الفنانة مي مراد جسد فتاة لا تستطيع الطيران، ولك أن تتخيل السبب دون السؤال، وتلك الزجاجة المطعونة بسكين الكلام المنطلق من أفواه الناس تجاه الحالة الهشة للفتاة المتجسدة في مجمل المعرض والواقع أيضاً، عروسة تلبس كفناً، وكفن يلبس كل لعبة لطفلة عندما تُسحب الفتاة فجأة من براءتها لتكون عروساً، الفكرة المغلوطة قبل الكارثة والعالم الوردي المرسوم في مخيلة الفتاة عن الزواج يصبح رمادياً، وكأن النضج والفهم مقترنان بحالة صدمة الفتاة، هذا ما تناولته تجريدية مجدل نتيل المتحركة في لوحاتها.
رنا البطراوي عايشت حروباً متتالية في غزة، ورأت أن العنف الممارس بحق المرأة والفتاة لا يقتصر على المجتمع من الداخل، بل إن الاحتلال بممارساته البشعة يتصدر المشهد، فالأجساد المقطعة الأطراف وحالات الإعاقة والأذى الجسدي والنفسي هي نتيجة الاحتلال الإسرائيلي. كل فكرة وكل عمل من الأعمال المعروضة في “شبرة قمرة” يعكس قضية تتعلق بالفتاة الفلسطينية، وقد ركزت بشكل واضع على زواج القاصرات التي حاولت حملة المناصرة التابعة لمركز شؤون المرأة تسليط الضوء عليها من خلال الفن الذي يُعتبر منبراً لطرح القضايا والتحدث عنها بحرية.
- نُشِرت هذه المادة في العدد 8.0 من مجلة 28 الأدبية الثقافية