دعني أخبرك عن أمي.
لقد كانت جمالاً بأعين بأسنان بجلد بأيد لتقطع اللحمة، أيد لتعد الفواتير، أيد لتقود السيارة، أيد لتحمل الطفل، بأقدام مع أظافرَ مطليةٍ بالأحمر مبرودةٍ بأثداء بصبغة غامقة سوداء، وخصل فاتحة تغطي شعراً أكثر بياضاً من شعاع من الضوء يرتد من بحر موطنها في الظهر بضحكة عالية، مثل تي زوازو تصرخ بأجنحتها خارجة من أسفل حلقها بفم نزف نبوءات، فم حَذر، فم لعن النيكس مع بداية كل موسم من كرة السلة، بشفاه رطبة من الاعتناء بكل شيء، شفاه جافة من خيبة الأمل، شفاه حمراء على وجه تغطيه مساحيق التجميل، لأنه من المهم أن تبدو دائماً جميلاً، أن تملك ذوقاً، لهذا تبدو دائماً أصغر من عمرها بفطنة من تعرف دائماً أين تجد الخصومات على مكونات اللازانيا في الأسواق، مع قدم تخبط أرصفة فلاتبوش بقوة، مع صبر الكثير من الأمهات، مع غضب الكثير من النساء، مع فضول الكثير من الأطفال، مع كرم الكثير من الأصدقاء، مع ثلاث بنات لا يعرفن ماذا يفعلن بكل هؤلاء الناس الذين تركتهم وراءها، بنات لسن بعد قديسات، بنات لن يصبحن أبداً قديسات، لأنها ربتهن ليكن سمكات يسبحن سوية بقداسة، لأنهن قبل أن يولدن نمن بقرب الله في تيار من الدماء، وتبعات هذه الرياضيات الأبدية.
بينما كانت أمي تموت كنت أراقب جسدها وهو يتحول إلى جثة أخيها، صغيرة ويغطيها شعر أبيض، ومنكمشة أسفل الأغطية. لاحظت بعد ذلك جسد خالتي المريض يتحول إلى جسد أمي المحتضرة. لا يغطيها سوى شعيرات بيضاء قليلة، الجلد مختفٍ أسفل الأغطية. لقد أخذها بتر قدمين ووباء عالمي حتى يكتمل التحول. لم تسنح لي الفرصة أن أشاهد خالة أخرى تتحول إلى إحدى خواتها. ذنوب هذه الإمبراطورية أبقتنا بعيدين عن بعضنا البعض، منعزلين كل في مكان. تفرجنا على جنازتها من خلف البوابة، من خلف الأقنعة.
أسفل القدم المتعفنة لدولة تموت بسرعة وبدون سرعة كافية.
أطراف تنبعث منها رائحة الحديد، منزلقة، لزجة، زهرية. الأعضاء التي تحارب نفسها تحاربك. الأعضاء التي تعيث فساداً لا تسمع. لقد كان الكبد عدو أمي الوحيد، ثار ضدها كما لو أنه مدفوع من قبل إحدى تلك الطعنات التي حاربتها في أحلامها. حب أمي الأول ساعدها في تحويل رئتيها إلى أعداء. لقد أخذ ما يقرب حياة ابنتين حتى الآن للوصول إلى شيء يشبه المسامحة. أرى ست أخوات يتغلغلن في بعضهن البعض: أجساد تتقاتل، أجساد تخسر، أجساد ترتاح. ابنة خالتي، التي كانت دائما أختي، كبرت لتصبح أختي. أخواتي يصبحن أنا. أجسادنا ليست جاهزة بعد لترتاح، لتسمع. معاً، نتحول إلى أمهاتنا: نبقى على الهاتف لفترة طويلة، نضحك بقدر ما يمكن، نعقد الصفقات حينما نحتاج. أنام على الكنبة وأنا أشاهد كرة السلة، لساني يتحسس الشق بين أسناني الأمامية، بيت المرأة التي أنجبتني. أجعل من نفسي أمهاتي. أجعل
من أخواتي
أجعل
أخواتي
نساء
لا يرتحن
أنا
أولاً
أقابل العنف
أقابل الإمبراطورية
دائماً بشكل طارئ
هذه العناية
أنا سوداء
عين غير كاملة
هوة
الأخوات هن فقط أخوات في غياب الأمهات. غير ذلك، هن فقط بنات. كل البنات في عائلتي ينهين على الابنة ليصبحن نساء. إننا مجبرات. حين ترحل الأم ويكبرن الأخوات يصبحن نساء ستكشف لهن أجسادهن الموت قريباً. حين ترحل الأم والأخوات لا زلن صغيرات، يبقين فتيات صغيرات للأبد، وهن يبحثن عمَّا يكشفه الموت. الأخوات أمهات لبعضهن البعض أحياناً، الأخوات أمهات لبعضهن البعض أحياناً، يراقبن أجسادهن يتحولن إلى أسلافهن.
الأمام، في غيابها، يصبح أجزاء. ينحفر كل جزء منها عميقاً في أحد أجساد بناتها. السؤال الأكبر: هو أي من أجزائها سيحل في جسد من؟ القلب في دماغ من؟ الكبد في يد من؟
لا تتوقف المدن الآن حين يموت أحد. في الماضي كانت أكثر مراعاة: موكب الجنازة وهو ينحدر شارع أوشين وينعطف نحو بيفرلي.
أظن أن المدن لا تتوقف حين تمشي باتجاه الحب، أيضاً.
لم أعد امرأة من أجل أن أحمل حبي. توقف حبي عن أن يكون رجلاً من أجل أن يصبح حارس حديقة أمي. السبت يخفف من الشك حين أرفع وجهي مقابل هذه الأوراق غامقة الخضرة التي تكبر أكثر من الهالة حول قشرة رأسي. حارس الحديقة الآن هو أخو أختي. هناك حارس آخر للحديقة ويحدث أنه أخي. كل منا يأخذ مكانه على المقاعد في الكنيسة. أخواتي وأنا سمحنا لمخلوقات أخرى بالدخول للمنزل، وربما حينها يمكن للكنيسة أن تحترق بالكامل. أدخل، أدخل: قطة، حمار، خروف، غراب، ديك، حمامة، أفعى، بقرة، حوت. يدخلون زحفاً فوق الجمرات الأخيرات للكنيسة، الأطراف تتحول إلى رماد، يتوهجون بينما هم يختفون للأبد.
أنا لست بقديسة.
أنا لست بقديسة.
فلتنهار كل البلاد.
أنا لست بقديسة.
قلت لا مزيد من البلاد. المدينة ميتة.
أطرافي المكسورة تلتقي.
العظام تعود إلى مكانها.
البقايا تتبادل مواقعها.
فلتلتقي الأشكال
من أجل فهم
أنظمة
في تعقيدها.
فليستمر التغيير.