رقص رقص رقص 
في مدينتنا، يكون الرقص منتظماً ومدروساً، إنه رقص السياقات، بقواعده وضوابطه، واللحظة التى يبدأ فيها وينتهي، في اللباس المتوجب له والموسيقى، والطريقة التي يهز فيها الرجال أكتافهم والنساء خصورهن، وفي المدينة، فضاء للرقص، مضبوط جداً بإيقاعه. نحن لن نخرق القانون، فالمدينة قاسية ولا ترحم، كل شيء مدروس، الأمكنة، الأوقات، الأشخاص الذين سنقابلهم، فالمدينة أخذت منا ما يمكنها، ولا يمكننا أن نساوم بالمزيد.
في الثامنة وعشر دقائق، دخل ثلاثون رجلاً وامرأة إلى مطعم في المدينة، في الثامنة وعشر دقائق وقليلاً، وقف ثلاثون رجلاً وامرأة يراقبون رجلاً منهم يرقص، في الثامنة وإحدى عشرة دقيقة، لم يعد الأمر مقصوراً على الثلاثين، بل تعداه إلى كل من كان في المطعم، كانت الأعين تلتهم وجه الرجل الراقص. كان مجذوباً بالموسيقى، ويود لو يدعونا، الثلاثين رجلاً وامرأة، أو ربما فرداً واحداً منا، ليغني معه، في الدقيقة الثانية عشرة بعد الثامنة، كان النادل -كنت أنا– أستعيد اللغة، أقتلع الكلمات من الجسد الراقص، لأضبطه. الأعين تأكلنا، والمدينة لا ترحم.


حاجز
المدينة ليست استثناء، أرفع نسختي من الكتاب وأقرأ، أنا لست استثناء، على الحاجز، يفتش كل شيء في السيارة، في المدينة القديمة، ثلاثون رجلاً وامرأة ينتظرون، كنت ألهث قليلاً حين بدأت المجموعة، قلت بسرعة معتذرة: الحاجز، الدائرة أوسع بكثير، الوجوه كلها جديدة، والأعين الفضولية تنظر، التأتأة تنقل كلماتي الأولى، أقول: لست غريبة، تعود البدايات، أربعة وجوه، ثلاثة ذكور وأنا، في مقهى عام، نناقش كتاباً. تعود البدايات، الأعين المتسائلة، والارتجاف البسيط، والتنفس الخفيف، الوجوه تراقب، والنقاش رويداً رويداً يتصاعد.


يا عمال العالم اتحدوا
في القهوة العتيقة، نجلس، يباغتني الزمن بالكثير من الضحك، أتأمل الكؤوس وهي تدور، والمحاولات الأولى لشرح الحلوى النابلسية، الوجوه الضاحكة والمستغربة من الطعم الجديد، والاحتكارات الطفولية لصندوق الحلوى، والمرة الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة التي لم يكن مسموحاً بها لأنثى بأن تدخل عتبة القهوة … في القهوة تدور الحكايات، غير أن لا أحد يعرف أن بعض الانتصارات خفيفة، كأن نجلس هناك، نشرب القهوة ونحتكر صندوقا من الحلوى.


جماليات القبح
كان السجناء يدقون على الأبواب، كان السجناء يغنون:
حكم العسكر بيني وبينك
ولو طولت بيعلى جبينك
لولا إمي تركت بعيد
لولا اشتقت لضيعتنا
ما كنت وقفت باب الزنزانة
كان السجناء يدقون جسدهم، واحداً واحداً، يجلسون، يقفون، تلتصق الأجساد، تتباعد ويتصاعد صوت الآلات من الجسد البشري المتعب.


دمنا المسفوك
معلَّقين على مشانق المدينة، يمر الوقت، يمر الآخرون، ينظرون، لا يعلقون، ما زال ممنوعاً عنا الهواء، أقدامنا في الأرض، وأعيننا نحو السماء، نحدق بوقاحة بعين هذا المكان.

Share on facebook
Share on twitter
Share on pinterest
Share on whatsapp
Share on email
Share on linkedin

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الأخبارية؟

سجّل بريدك الإلكتروني

الرجاء تعبة النموذج لحجز مساحة في الجاليري

طلب حجز مساحة في جاليري 28

سيتم التواصل معكم لإتمام الحجز

الرجاء تعبة النموذج لطلب مشاركتك باضافة محتوى في الموقع، مع العلم انه سيتم التواصل معكم لاعلامكم بنتائج الطلب او مناقشة أي تفاصيل

طلب المشاركة بمحتوى

ملاحظة: امتدادات الملفات المقبول pdf, doc,docx