أمي
مقطعٌ كارتونيٌّ ينام على السرير
ينام الفل حين تنام
فيكبر السرير
وتصغر هي مقدار حربين وستين سنتيمتراً
يغدو السرير عالماً من الدمى
والسناجب الضاحكة
والساحرات الطيبات
…
أمي تنام
قطعةً من الحلوى
في ورقة سيلوفان
تعنف الموتى في أحلامها
- لماذا لم تحلموا أكثر؟
…
أمي تنام بجلابيتها المبقعة بـ “الطبيخ”
كأنَّها
تضع “كماداً” على رأس السرير المحموم
…
أمي
تحب صرير الباب
وتتعلق كفراشة حقل
بأصوات الجارات من ورائه
كلما انغلق
نسمع صوت
ظلِّها في الخارج وهو يبكي
…
أمي صديقة مقربة لمذيع النشرة
كلما اختلت به
سمعتُ صياحه
وهو يهدئ العراك الصباحي بينها
وبين كلِّ أمهات القتلة
..
الأمراض لا تؤثر في أمي
إنَّهنَّ بناتها
أفيق من النوم كلَّ يوم
لأجدهنَّ ممسكاتٍ بثيابها باكيات
تحمل بعضهنَّ وتجرُّ البعض
وهي تمشي في “الطرقة” الموصلة إلى الحمام
بقدميها الثقيلتين وقلبها الخفيف
تهدئ من فزعهنَّ
ثم أسمع صياحها لهنَّ وهي تدعك جلودهنَّ تحت الدش:
تشجَّعنَ.. لا أريد أن أقابل ضيوفي وأنتنَّ بكلِّ هذه القذارة
..
“تشخط” أمي في الطبيب:
لا تشتم الروماتيزم.. إنها الوحيدة من بين أخواتها التي لا تخاف الاستحمام
إنها ابنتي المفضلة
…
المضادات الحيوية وأدوية الكحة ومراهم الركبة
نوع من التحذلق الذي اخترعته مجموعة من الحمقى
طبخة لحم تفعل كلَّ ما يجهله هؤلاء
إنها تجعلها بخير
…………..
أين اختبأت الضحكات
خزنتها أمس في ربطة الثوم أعلى الشرفة
ثم سقطت فجأة في “روشتة” الدواء
…..
فرغ نصف السرير بجانب أمي بعد الحرب
فلم تعد وحيدة أبداً
…
تتدلى مشانق كثيرة في غرفة أمي
مشانق فارغة
هكذا تغير العالم بطبخة محشي
ثم تأكل وهي تنظر إليها
ثم تضحك.