استشهد لما انتبه أن ساقيه سبقتاه إلى المقبرة!

في الجامعة حاولت أن أكون عضواً في التنظيم ومحباً يجيد إلقاء النكات

وفشلت بعد مظاهرة طلابية أخبرونا فيها أن الطائرات المصرية تغير على حيفا

المتحدث حينها كان من حركة فتح،

يومها سقط عشرة شهداء على حاجز حوارة جنوب نابلس

كنت أركض معهم خلف شاحنة مرسيدس 608 حمراء اللون،

استدارت بعد أن وصلت بالمتظاهرين إلى الحاجز.

في المركز الثقافي الفرنسي، وبعد حديث طويل عن المخابرات

وسلوك الثوار في الشارع، وبينما كان مساء المدينة يرسم صورتها

على مدخل المخيم، قصفت الأباتشي سيارة تقل ثلاثة مقاتلين

من الجبهة الشعبية وفتح. استشهد اثنان، بينما المقاتل الثالث

الذي أنقذ على عجل من سيارة السبارو وكان يصرخ أنه حي،

استشهد لما انتبه أن ساقيه سبقتاه إلى المقبرة.

دفنت أصدقاء بيدي تلك الأيام، وكانت الزنازين مفتوحة والمقابر أيضاً

وكانت الأشياء تتداخل في بعضها لتأخذ لوناً واحداً،

حتى ظننا أن الشمس وقتها ستشرق من الغرب.

ثلاثة كتب في علم الاجتماع السياسي

امرأة تجلس في البيت بعد أن أنهت دوامها الجامعي، بين الكتب وأوراق الامتحانات، ولا تفكر في الذهاب إلى أي مكان.

رجل يجلس بعد العصر في المقهى وحده، معه هاتفه النقّال وأرقام أصدقائه ولا يفكر بالاتصال بأحد أو الذهاب إلى أي مكان.

لا توجد هنا امرأة تقف عند النافذة وتلوح لرجال عائدين، لا توجد نافذة أيضاً.

لا يوجد هنا رجل يفكر بإلقاء نفسه في البحر، لا يوجد بحر.

ولا يوجد سيناريو آخر مثل:

أن يجتمع الرجل بالمرأة العائدة من عملها ومعها ثلاثة كتب في علم الاجتماع السياسي.

المرأة العائدة من عملها ومعها ثلاثة كتب في علم الاجتماع السياسي ستظل على شحوبها

الرجل الجالس في المقهى سيظل الرجل الجالس في المقهى ولو لم تكن طرق هذه المدينة ملأى بالنساء الوحيدات والرجال الهاربين لحدث شيء آخر،

مثل أن يجلس الرجل والمرأة في غرفة واحدة.

رجل يتحدث مع نفسه

اليوم مثلاً كان العشب مبتلاً والكلاب لم تغادر باتجاه جحورها بعد

ومطر فبراير كان يدفع بالشتاء نحو التلال وكنت أفكر فيك

وفي الحقيقة مضى وقت طويل وأنا لا أفعل شيئاً غير ذلك

أصدر عمرو دياب خمسة ألبومات على الأقل وأصدر صديقي ثلاثة كتب

تبعها مؤخراً برواية، ومرت مواسم كثيرة خسرانة، وهاجر الناس

وما زلت أفكر أنك حقيقية مثل الله

وأنه باستطاعتي التأكيد لك أن الإيمان

هو قدرة شخصين الادّعاء أن أشياء كثيرة حدثت بينهما في الزمن الماضي

بينما ليس هناك من ماضٍ بينهما ولا زمن ولا شيء، فقط هناك شخصان

واحد يتمشى برفقة الآخر ويظن أنهما متفاهمان،

يظن أنهما يستطيعان مواصلة المشي ومواصلة حديث من الصعب أن ينتهي

قبل إفراغه من الأكاذيب!

شخص واحد كان يتمشى عبر الحقول في الصباح ويتحدث مع نفسه

داخل الزمن أو في الجحر وهو الكلب!

رجل وحيد يتجول في السيارة

رجل وحيد يتجول في المدينة في سيارة نيسان ميكرا

ثم يعود إلى البيت ويمسك في كل كف سمكة وخبزاً

وما أن يدخل من الباب حتى ينادي ابنه.

لا حاجة به إلى الحديث أو السفر

أو قول شيء عن سور الحديقة والسروة والغياب.

داخل السور يجلس العاطلون عن العمل

وتحت السروة عميقة الخضرة يجلس هو وابنه

وبينما يعده أن يتعلم من جديد وأن يعلمه سياقة السيارة

يطل عليهما جنود روس وأثيوبيون

وامرأة خائفة تطلب إليه بإلحاح العودة إلى البيت

بقائمة المشتريات وإغلاق الباب.

رجل وحيد يتجول في السيارة، ويبحث عن شيء ضائع منه

ومن رئته يخرج دخان العالم، يبحث عن شيء ضائع منه!

جاكيت جوخ

مع الوقت تعلمت ألا أطلب شيئاً لنفسي، مع الوقت تعلمت الصمت.

حين أريد الحديث مع أحد أذهب وأتحدث مع شجرة خروب.

تحت الشجرة دائماً يجلس أربعة أبناء وأبيهم، يتناولون طعام الإفطار.

أحد الأبناء استشهد وهو على النافذة في المخيم.

من يومها، منذ صاروا ثلاثة وأبيهم جالسين تحت الشجرة، وأنا أفهم الكتابة في أن أقول الصمت

ألمي كبير، مثل ألم من فقد وليده. ألمي صغير، أصغر من أن أقوله.

أختي اشترت لي جاكيت جوخ أول من أمس، وكتبت هذا لأنه صار يجب أن أناديك

وأقول شيئاً، فمن يقوى على احتمال الصمت بعد كل ذلك؟

Share on facebook
Share on twitter
Share on pinterest
Share on whatsapp
Share on email
Share on linkedin

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الأخبارية؟

سجّل بريدك الإلكتروني

الرجاء تعبة النموذج لحجز مساحة في الجاليري

طلب حجز مساحة في جاليري 28

سيتم التواصل معكم لإتمام الحجز

الرجاء تعبة النموذج لطلب مشاركتك باضافة محتوى في الموقع، مع العلم انه سيتم التواصل معكم لاعلامكم بنتائج الطلب او مناقشة أي تفاصيل

طلب المشاركة بمحتوى

ملاحظة: امتدادات الملفات المقبول pdf, doc,docx