ورشة تأملات في الشعر التي قامت على تنفيذ تسعة لقاءات تناولت من خلالها محاور في الكِتابة الشعرية وتطبيقات نظرية تناولت نصوص نحو 20 شاعر وشاعرة من قطاع غزة وشارك فيها متحدثين متخصصين في الكِتابة من قطاع غزة والضفة الغربية.
الورشة التي جاءت بدعم من مؤسسة عبد المحسن القطان ضمن مشروع ريحان وباستضافة من مؤسسة بيت الصحافة ومركز القطّان للبحث والتطوير التربوي-غزة شهدت نقاشاتٍ وحوارات حول المنتج الأدبي للكُتّاب المشاركون ونرفق هنا شهادات لـ ضحى الكحلوت ويحيى عاشور وكريم أبو الروس حول المشاركة في الورشة.
ضحى الكحلوت
أضاف مشروع ريحان ببرامجه المنوعة لتجربتي الشعرية والشخصية اضافات جديدة ومميزة، على صعيد ورشة تأملات بالشعر التي كانت تعقد مساء كل أحد لمدة تتراوح بين الساعتين والثلاث ساعات؛ تعرفت خلالها على أكثر من عشرين شاعر وشاعرة من قطاع غزة؛ تبادلنا نصوصنا الشعرية و أراءنا حولها، ودارت عدة حوارات مع نقاد ومتخصصين حول هذه النصوص وتوجيه الكتاب لضبط نصوصهم بالطريقة الصحيحة، وتعريف ماهية النصوص التي شاركنا فيها، فاختلفت الرؤى ونضج مفهوم الشعر داخلي، واصبحت اكثر قدرة على رؤية النص بقراءات مختلفة، وخلقت الورشة جواً من تقبل الآخر ورأيه وإن كان مختلفاً.
و كانت تجربة الامسيات الشعرية تجربة ممتعة، قراءة النص على أعداد وأشخاص تعرفها ولا تعرفها، تحويل الكلمات المخبأة الى صوت، اضافة الى الحوارات التي كانت تشغل الامسيات بأسئلة تدور في ذهن كل كاتب.
نأمل دائماً أن يستمر المشهد الثقافي بالعطاء، وتستمر البرامج التي تساعد الكتاب الناشئين على الظهور والتمكن والمشاركة مع الآخرين.
يحيى عاشور
تأملات في الشعر… ليست هذه المرة الأولى التي أشارك فيها في فعالية لمجلة 28، ولكن ربما تكون الأهم! ثمان لقاءات أسبوعية جمعت مجموعة من الشباب الذين يكتبون الشعر مع ثمانية كتاب وأكاديميين في الأدب من مختلف أنحاء البلاد، جسديا وعبر الاتصال بالفيديو، تناولوا الشعر من جوانبه المختلفة ومن جوانب مختلفة. أستطيع أن أقول أن كل واحد منهم ترك بصمة مختلفة داخلي، أو إن صح التعبير، ترك سؤالاً جديداً داخلي، تماماً في المسافة التي تقع بين الشعر وبين الشعر الذي أحاول كتابته. ولا أنسى قدر الفائدة الذي تمكنت من أن أعبئه في جيوبي من الاصغاء لنظرتهم لنصوص زملائي أيضاً. قدمت للكتّاب والأكاديميين في الورشة، كباقي المشاركين فيها، ثلاثة نصوص حديثة كانت “احتفال” و”كنت يا أبي” و”لا شيء ينتج خاطري” وكعادتي، كنت مليئاً بالشك وعدم الثقة وما يعادلهما من فضول المغامرة، ويمكن القول أن النظرة لهم جاءت متدرجة، تبدأ من هناك من أحبهم جداً وتنتهي عند هناك من لم يكمل قرائتهم أصلاً.
وفي تأمل “تأملات في الشعر” لا بد من سؤالين أن يدقا بابي: هل سنعاني دائماً من وجود فجوة بين الأكاديميين والشعراء؟ وهل أصبح هناك فجوة بين الشعر في الضفة والشعر في غزة، على صعيد واحد على الأقل (الجبل والبحر مثلاً)؟ وكالعادة يكون صبر السؤال أقل من قدرتي على القرار وإجابة الباب، ولكنني رغم قدرتي البسيطة على النظر، أستطيع قراءة الرسالة نفسها التي يتركها أي سؤال خلف بابي المغلق في وجهه: “لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي”. أظنها الإجابة.
خرجت بكثير من الدروس والطموح من هذه الورشة، وآراء لا أظن أنني سأنساها أو أنسى من قالها في حياتي. سأتذكرها حين يرفض الشعر الحديث معي فجأة، وسأتذكرها حين لا يهتم أحد للتنصت على هذا الحديث إن حدث. حسناً، في النهاية، ثمة شيء يمكن قوله لا يمكن أبداً أن أملّ منه أو أن يصبح مبتذلاً، شيء قليل جداً أتمنى أن يكون بوسعه دائماً أن يقف في وجه البئر إن يأس، شيء أتمنى لو أن يكبر ولا يبقى صغيراً حين أحرره من قلبي.
شكراً للشعر والفكرة حين يعملان معاً، شكراً مجلة 28.
كريم أبو الروس
قبل بضعة أسابيع، اجتمعت مع شعراء وكتّاب شباب من غزّة، عرضنا قصائدنا ونصوصنا على بعض الكتّاب العرب والفلسطينيّين في الخارج؛ رغبة منّا في نقدهم ونصائحهم وبعض الإرشادات، ولإيصال الأدب المنتج في غزّة إلى خارجها أيضًا، كنّا مسرورين بهذه التجربة؛ فهي الأولى من نوعها، ولأنّنا لم نسافر لنشارك في معارض وندوات وأمسيات خارج غزّة، إلّا أنّنا بُهتنا بتعريف أحدهم لما ننتجه من أدب بأنّه “أدب سجون”، وآخرون قالوا إنّ النصوص تعجّ بالموت والحصار، والسواد والعتمة، ومفردات الألم والعذاب. ودار نقاش كبير وحادّ بين الحاضرين، هل فعلًا نحن نتلذّذ بعذابنا؟ أو أنّ الكاتب ابن لبيئته؛ فإنّ ما ينتج عن هذه البيئة من أدب يكون مشابهًا لحالتها؟ ليس من الصعب القول إنّ غزّة تعيش تجربة فريدة وخاصّة لا مثيل لها.