حفل ربيع غزة الفني

فُتحت الستارة بهدوء، تصفيق الجمهور ملأ القاعة، الاضاءة خافتة باستثناء الكثير من الألوان التي رسمت ملامح لوحة فنية على خشبة المسرح، 6 عازفين يقفون بفرحهم المعهود، بصخب موسيقاهم، بدأت أيديهم بالتغريد مع ارتفاع ضجيج الجمهور على الكراسي، من هنا أعلن عن بدء ربيع غزة.
مجلة 28 بدأت الربيع مبكرًا في غزة، فعلى مسرح عسقلان بمركز سعيد المسحال الثقافي يوم الخميس 25/2/2016، نظمت أول احتفالاتها للعام 2016 بحفل موسيقي لفرقة وتر باند، والذي كان من المفترض أن يشارك فيه فريق الكمنجاتي من الضفة الغربية، إلا أن الاحتلال الاسرائيلي منعهم من القدوم إلى قطاع غزة بعدم منحهم للتصاريح اللازمة.
نشطت في الفترة الأخيرة عدد من الاحتفالات الموسيقية في قطاع غزة، والذي يعاني سكانها من ويلات الانقسام والحصار الذي أصابهم بحالة من الاختناق والكبت، ولأن الفرح حق وإعلان القدرة على الحياة هو ما دفع منظمي هذا الحفل إلى تحدي الصعوبات لتحقيق هدفهم وحلمهم بسرقة ساعات قليلة من الفرح والبهجة والحب.
محمود الشاعر المدير التنفيذي لمجلة 28 يؤكد أن الهدف من الحفل هو تنشيط المشهد الثقافي والفني في قطاع غزة، من خلال رؤية المجلة والتي تسعى من خلالها إلى تقديم المبدعين الفلسطينيين بطريقة عصرية وإبداعية متميزة، وإيصال أبداعهم إلى العالم والجمهور من خلال العروض والاحتفالات المختلفة، والتي يعاني قطاع غزة من ندرتها.
وأضاف الشاعر : “أننا كفريق عمل للمجلة سعينا بكل جهدنا رغم ضيق الوقت وبقترة زمنية قصيرة قمنا بالإعداد للحفل والاتفاق مع الوتر باند على إحيائها، مع القيام بعمليات تسويق وترويج كبيرة للحفل عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومن خلال الكثير من الأصدقاء المتعطشين لحفل موسيقي يزيح عنهم القليل من اختناق غزة، وبروح الفريق الواحد قدمنا عرضًا موسيقيًا رائعًا ومتميز استمتع به الجمهور على مدار ساعتين من العرض على أنغام وتر باند وفنهم الجميل”.
الموسيقى في غزة ليست مجرد احتفال، هي إعلان حب للحياة وللفرح المشتهى، ساعات قليلة لانعاش الذاكرة، ربيع غزة اشتعل منذ أول أغنية، بمزيج سريع من الايقاعات الكلاسيكية والحديثة، بتمازج بين الجيتار والدرامز والبيانو، وآهات ومواويل الفنان المبدع نادر حموده، صفق الجمهور بحرارة، وللحظات قليلة توقف العزف، وأعلن محمد اللوماني أحد أعضاء وتر باند عن إطلاق ألبوم غريبٌ هنا، وهو الألبوم الأول للفرقة وتم انتاجه في العام 2015 بدعم من برنامج الثقافة والفنون بمؤسسة عبد المحسن القطان، ومن ثم استقبل الجمهور اتصالاً من الفنان رمزي أبو رضوان قائد فريق الكمنجاتي، وذلك عبر تقنية Skype عبر فيه عن حزنه الشديد لعدم قدرته الحضور والمشاركة في إحياء الحفل، مضيفًا “أتمنى كل التوفيق والنجاح لفرقة وتر باند خلال عرضهم، وأدعوا الجمهور للاستمتاع بألبومه الأول والذي يعتبر فخر للابداع الغزي، وأتمنى أن أتمكن قريبًا من القدوم لغزة والاحتفال مع أهلها بالموسيقى”.
وعن أجواء الحفل والتحضيرات الكبيرة التي سبقته، يؤكد رائد اشنيورة رئيس تحرير المجلة، أننا خضنا تحدي كبير لضمان نجاح الحفل، وضمان استمتاع الجمهور، مؤمنين بقدرتنا على إنجاز شيء في مدينة تعيش في بؤسها وحزنها، وهذا ما عايشناه خلال اسبوع كامل وصلنا فيه الليل والنهار، بالتركيز على أدق التفاصيل، كي نثبت للعالم أن غزة ليست قبرًا، وأن شعبها أناس طبيعيون جدًا، يمارسون حقهم بالحياة، وبالفرح، وبالرقص، وبالاندماج الكامل مع الموسيقى لخلق البهجة وامداد أرواحنا بالطاقة الكافية للاستمرار في صمودنا ومقاومتنا.
ويعبر اشنيورة عن سعادته الكبيرة بنجاح الحفل يقول: “قبل الحفل بليلة كانت البروفات النهائية للفرقة على خشبة المسرح، شعرت من تلك اللحظة أن الحفل بدء وأن الجمهور ملأ المكان، والفرح بدأ يأخذ مكانه الطبيعي  في نفوسنا، تعطشنا ورغبتنا للحياة كانت دافعنا لتجاوز كل المعيقات، في أي مكان بالعالم من السهل جدًا أن تحصل على تذكرة لحضور حفل موسيقي أو عرض فيلم سينما، او مشاهدة مباراة كرة قدم، في غزة الحياة خارجة عن المألوف، قاتمة وسوداء ومليئة بتناقضاتها الغريبة، نحن هنا نصنع حياتنا كما نريدها، نسترد طبيعتنا ونعود أطفالًا”.
 
غريبٌ هنا، وين عرام الله ، يا طير الطاير، فوق النخل، دوشة، وغيرها وأجمل، تغنى الوتر باند بعدد من الأغاني التراثية الفلسطينية، ومجموعة من الأغاني العربية المحببة للجمهور، لكن بتوزيع موسيقي مختلف من صنع الفرقة، مع تأديتهم لبعض أغاني ألبومهم غريبٌ هنا، حيث تنوع الحفل بين موسيقى الروك والبوب الصاخبة، وبين الكلاسيكية الشرقية بجمالها ورقيها، جلس الجمهور لحظاتِ طرب ورقص وتصفيق متصاعد وغنوا مع الفرقة بتناغم نادرًا ما يحدث في غزة بهذا الحب والجمال.
حسام معروف مدير الأنشطة والفعاليات في مجلة 28 يؤكد بأن فريق العمل مليء بالإيمان بأن الإنسان الفلسطيني برغم كل المعاناة يحب الفن، ويتعطش للموسيقى، وذلك تمسكًا بالحياة، ولذلك نسعى دائما من خلال خطة عملنا، والتي هدفها الرئيسي دائما ما يكون الجمهور، والذي من حقه الاستمتاع والاندهاش، متفوقين على أنفسنا بتقديم منتج ثقافي غزي إبداعي.
ويضيف معروف أن الهدف من طرح تذاكر للحفل، كان بسبب قلة التمويل من قبل المؤسسات الداعمة والشركات الخاصة المحلية للمجال الفني والموسيقي في غزة، لذا كان الرهان على الجمهور ومدى تقبله لفكرة شراء تذكرة لحضور حفل موسيقي، وبرغم ارتفاع سعر التذكرة 30 شيكل، إلا أن الاقبال كان رائعًا والجمهور كان عظيمًا.
توقفت الفرقة عن العزف، وقدموا شكرهم للجمهور على حضورهم وتفاعلهم، إلا أن الحفل لم ينتهي، رفض الجمهور مغادرة المكان، طالبين المزيد من الأغاني، وسط هتاف وتشجيع كبير، فما كان من وتر باند إلا أن يكونوا عند رغبة جمهورهم، فكان ختامها مسك، رنة نغمات آلاتهم الموسيقية بلحن “سهر الليالي” وصدحة حنجرة فيروز بصوت الغزيين ” يييي يا سهر الليالي، يييي يا حلو على بالي، غني ، آآآآه، غني، آآآآه، غني على الطرقات “…
Share on facebook
Share on twitter
Share on pinterest
Share on whatsapp
Share on email
Share on linkedin

إشترك في حدث قادم

نعلن عن فتح باب التسجيل في نادي السينما بدعم من مؤسسة فيلم لاب، وهو جلسات حوارية تناقش مواضيع سينمائية متخصصة يشارك بها شباب مهتمون بالفنون البصرية، من خلال عروض ومناقشة الافلام التي تطرح بالضرورة القضايا الانسانية والوطنية والمجتمعية، لتعزيز ثقافة السينما لدى الفرد والمجتمع ونقاشها بإطار تفاعلي.

فعاليات أخرى

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الأخبارية؟

سجّل بريدك الإلكتروني

الرجاء تعبة النموذج لحجز مساحة في الجاليري

طلب حجز مساحة في جاليري 28

سيتم التواصل معكم لإتمام الحجز

الرجاء تعبة النموذج لطلب مشاركتك باضافة محتوى في الموقع، مع العلم انه سيتم التواصل معكم لاعلامكم بنتائج الطلب او مناقشة أي تفاصيل

طلب المشاركة بمحتوى

ملاحظة: امتدادات الملفات المقبول pdf, doc,docx